يُعتبر هرمون الغدة الدرقية من أهم الهرمونات التي تؤثر بشكل مباشر في صحة الجسم، إذ يلعب دورًا أساسيًا في الكثير من العمليات الحيوية داخل الجسم. ويؤدي أي خلل في مستوياته، سواء بالزيادة أو النقصان، إلى ظهور أعراض مختلفة، وفي هذا المقال، نوضح بشكل مبسط ما هو هرمون الغدة الدرقية وكيف يتم التحكم به ووظائفه، وكيف يتم قياسه من خلال التحاليل الطبية، وما هي النسب الطبيعية له، وبعض المعلومات الأخرى الهامة، فاحرصوا على المتابعة.
ما هو هرمون الغدة الدرقية؟
هرمون الغدة الدرقية هو الهرمون المسؤول بشكل أساسي عن التحكم في سرعة عملية الأيض في الجسم، وعند الرضع، يكون هرمون الغدة الدرقية ضروريًا لنمو الدماغ. وتقوم الغدة الدرقية، وهي غدة صغيرة على شكل فراشة تقع في مقدمة الرقبة تحت الجلد، بإنتاج وإفراز هرمون الغدة الدرقية، وتُعد الغدة الدرقية جزءًا من جهاز الغدد الصماء.
ويمثل هرمون الغدة الدرقية في الواقع مزيجًا من الهرمونين الرئيسيين اللذين تفرزهما الغدة الدرقية، وهما الثيروكسين (T4) وثلاثي يودوثيرونين (T3). وغالبًا ما يُشار إليهما معًا باسم هرمون الغدة الدرقية، لأن هرمون T4 يكون غير نشط إلى حد كبير، أي لا يؤثر في الخلايا، في حين أن هرمون T3 هو الهرمون النشط. وبعد أن تُفرز الغدة الدرقية هرمون T4، تقوم بعض الأعضاء في الجسم بتحويله إلى T3 حتى يتمكن من التأثير في الخلايا وعملية الأيض.
كما تُفرز الغدة الدرقية هرمونًا آخر يُسمى الكالسيتونين (Calcitonin) والذي يساعد على تنظيم مستويات الكالسيوم في الدم من خلال خفضها. ولا يتم إدراج هرمون الكالسيتونين ضمن مسمى هرمون الغدة الدرقية، كما أنه لا يؤثر في عملية الأيض كما يفعل هرمونا T3 وT4.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
كيف يتم التحكم في هرمون الغدة الدرقية؟
يتم التحكم في إنتاج وإفراز هرمون الغدة الدرقية، الثيروكسين (T4) وثلاثي يودوثيرونين (T3)، من خلال نظام حلقي يشمل ما يلي:
- تحت المهاد (الهيبوثالاموس).
- الغدة النخامية.
- الغدة الدرقية.
- عدة هرمونات.
ويُعتبر تحت المهاد جزءًا من الدماغ يتحكم في وظائف مثل ضغط الدم، ومعدل ضربات القلب، ودرجة حرارة الجسم، والهضم. أما الغدة النخامية فهي غدة صغيرة بحجم حبة البازلاء تقع في قاعدة الدماغ أسفل تحت المهاد. وتقوم بإنتاج وإفراز ثمانية هرمونات. وترتبط الغدة النخامية بتحت المهاد عبر ساق مكوّنة من أوعية دموية وأعصاب تُعرف باسم ساق الغدة النخامية. ومن خلال هذه الساق، يتواصل تحت المهاد مع الغدة النخامية ويُعطيها إشارات لإفراز هرمونات معينة.
ولبدء هذا النظام الحلقي، يُفرز تحت المهاد الهرمون المُطلق للغدة الدرقية (TRH)، والذي بدوره يُحفّز الغدة النخامية على إنتاج وإفراز الهرمون المُحفّز للغدة الدرقية (TSH)، ثم يقوم هرمون TSH بتحفيز الغدة الدرقية على إنتاج هرموني T4 وT3. ومن إجمالي كمية الهرمونات التي يُحفّز TSH الغدة الدرقية على إفرازها، يكون حوالي 80% منها T4 و20% منها T3.
كما تحتاج الغدة الدرقية إلى كميات كافية من اليود، وهو عنصر يحصل عليه الجسم من الطعام، لإنتاج هرموني T4 وT3.
ويتم تنظيم هذه السلسلة الهرمونية من خلال حلقة فعندما ترتفع مستويات هرموني T3 وT4، فإنها تمنع إفراز هرمون TRH، وبالتالي هرمون TSH. وعندما تنخفض مستويات T3 وT4، تبدأ الحلقة من جديد. ويسمح هذا النظام للجسم بالحفاظ على مستوى ثابت من هرمونات الغدة الدرقية.
إذا وُجدت أي مشكلات في تحت المهاد أو الغدة النخامية أو الغدة الدرقية، فقد يؤدي ذلك إلى اختلال في توازن الهرمونات المشاركة في هذا النظام، بما في ذلك هرمونا T3 وT4.
وظيفة هرمون الغدة الدرقية
بمجرد أن تُفرز الغدة الدرقية هرمون الثيروكسين (T4) إلى مجرى الدم، تقوم بعض الخلايا في الجسم بتحويله إلى ثلاثي يودوثيرونين (T3) من خلال عملية تُسمى نزع اليود (De-iodination). ويرجع ذلك إلى أن الخلايا التي تمتلك مستقبلات تستقبل تأثير هرمون الغدة الدرقية تكون أكثر قدرة على استخدام T3 مقارنةً بـ T4. لذلك، يُعد هرمون T4 بشكل عام الشكل غير النشط من هرمون الغدة الدرقية، بينما يُعد T3 الشكل النشط منه.
ويمكن للخلايا الموجودة في الأنسجة والغدد والأعضاء وأجهزة الجسم التالية تحويل هرمون T4 إلى T3:
- الكبد.
- الكُلى.
- العضلات.
- الغدة الدرقية.
- الغدة النخامية.
- النسيج الدهني البني (وهو نوع من الدهون يُنتج الحرارة للمساعدة في الحفاظ على درجة حرارة الجسم في الظروف الباردة).
- الجهاز العصبي المركزي.
يؤثر هرمون الغدة الدرقية (T3 وT4) في كل خلية وجميع أعضاء الجسم من خلال:
- تنظيم معدل استخدام الجسم للسعرات الحرارية (الطاقة)، وهو ما يؤثر في فقدان الوزن أو زيادته ويُعرف باسم معدل الأيض.
- إبطاء أو تسريع معدل ضربات القلب.
- رفع أو خفض درجة حرارة الجسم.
- التأثير في سرعة انتقال الطعام عبر الجهاز الهضمي.
- التأثير في نمو الدماغ.
- التحكم في طريقة انقباض العضلات.
- تنظيم صحة الجلد والعظام من خلال التحكم في معدل استبدال الجسم للخلايا الميتة (وهي عملية طبيعية).
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
كيف يتم قياس هرمون الغدة الدرقية؟
يمكن لعدة اختبارات دم قياس مستويات الغدة الدرقية لديك وتقييم مدى كفاءة عملها. وغالبًا ما تُسمى هذه الاختبارات اختبارات وظائف الغدة الدرقية وتشمل:
- اختبار T4 الكلي (الثيروكسين).
- اختبار T4 الحر (FT4).
- اختبار T3 الكلي (ثلاثي يودوثيرونين).
- اختبار T3 الحر (FT3).
- اختبار الهرمون المُحفّز للغدة الدرقية (TSH).
وقد يطلب الطبيب اختبارات إضافية لتقييم وظيفة الغدة الدرقية، وتشمل:
- الأجسام المضادة للغدة الدرقية: تساعد هذه الاختبارات في تحديد أنواع مختلفة من أمراض الغدة الدرقية المناعية الذاتية.
- الثيروجلوبولين: يُستخدم هذا الاختبار لتشخيص التهاب الغدة الدرقية (التهاب الغدة الدرقية) ولمتابعة علاج سرطان الغدة الدرقية.
اعرف أكثر عن: تحليل الغدة الدرقية وأنواعه وأفصل وقت للقيام به
ما هي أعراض نقص هرمون الغدة الدرقية؟
عادةً ما تؤدي المستويات غير الطبيعية لهرمونات الغدة الدرقية إلى ظهور أعراض ملحوظة. وبما أن هرمون الغدة الدرقية مسؤول عن التحكم في سرعة عملية الأيض، فإن زيادة هرمون الغدة الدرقية يمكن أن تُسرّع الأيض أكثر من المعدل الطبيعي، في حين أن نقصه قد يؤدي إلى إبطائه. وتسبب هذه الاختلالات ظهور بعض الأعراض، من بينها:
- زيادة أو فقدان الوزن دون سبب واضح.
- بطء أو تسارع معدل ضربات القلب.
- عدم تحمل البرودة أو الحرارة.
- جفاف الجلد أو رطوبته.
- عدم انتظام الدورة الشهرية.
وإذا كنت تعاني من هذه الأعراض، فتواصل مع الطبيب، حيث يمكنه إجراء بعض تحاليل الدم البسيطة لمعرفة ما إذا كانت مستويات هرمونات الغدة الدرقية غير منتظمة.
كم نسبة هرمون الغدة الدرقية الطبيعي؟
لتقييم نشاط الغدة الدرقية، سواء كان هناك زيادة أو نقص في عملها، يعتمد الأطباء بشكل أساسي على تحليلين مهمين هما TSH وFT4 كما ذكرنا سابقاً، ويتم تحديد القيم الطبيعية لهذه التحاليل بناءً على نتائج أشخاص أصحاء، مع العلم أن القيم قد تختلف قليلًا من معمل لآخر.
وفي الوضع الطبيعي، يتراوح مستوى هرمون TSH بين 0.5 و5.0، لكن في بعض الحالات مثل الحمل، أو وجود تاريخ مرضي لسرطان الغدة الدرقية، أو أمراض الغدة النخامية، أو مع التقدم في العمر، قد يحدد الطبيب نطاقًا مختلفًا يناسب حالة المريض.
أما هرمون FT4، فمستواه الطبيعي يتراوح بين 0.7 و1.9، وقد تختلف القيم المقبولة أيضًا لدى بعض المرضى الذين يتناولون أدوية تؤثر على هرمونات الغدة الدرقية أو لديهم أمراض معينة.
وتحاليل T4 الكلي وT3 الكلي تقيس الهرمونات المرتبطة بالبروتين والهرمونات الحرة في الدم، وتتأثر نتائجها بعوامل متعددة مثل الأدوية، والهرمونات، وأمراض الكبد، لذلك لا تكون دائمًا الأدق لتقييم وظيفة الغدة. وبشكل عام، يتراوح المستوى الطبيعي لـ T4 الكلي بين 5 و12، ولـ T3 الكلي بين 80 و220، بينما لا يُعتمد غالبًا على تحليل T3 الحر لأنه غير دقيق في كثير من الحالات ولا يُستخدم بشكل روتيني. وينصح في كل الأحوال بضرورة الرجوع للطبيب أو الأشخاص المختصيين لمعرفة النسب الطبيعية وقراءة أي تحاليل بطريقة دقيقة.
