الخضوع لعملية استئصال الثدي خطوة مهمة في رحلة العلاج والتعافي من سرطان الثدي، ولكن مرحلة ما بعد الجراحة لا تقل أهمية عن التحضير لها. وكثير من السيدات يتساءلن: متى أعود إلى حياتي الطبيعية؟ متى يمكنني ممارسة الأنشطة اليومية؟ ما الممنوعات التي يجب تجنبها؟ وكيف أعتني بنفسي خلال فترة التعافي؟
في هذا الدليل الإرشادي الشامل، نأخذك خطوة بخطوة في كل ما تحتاجين لمعرفته بعد عملية استئصال الثدي، من مدة التعافي والتعامل مع الدرنقة والتعامل مع الألم والتورم، إلى ما يجب الابتعاد عنه وتجنبه ومتى يمكنكِ استئناف أنشطتك المعتادة بثقة وراحة بال. تابعي القراءة واكتشفي كيف تدعمين جسمكِ ونفسيتكِ خلال مرحلة التعافي لتحقيق أفضل النتائج.
كم مدة التعافي بعد عملية استئصال الثدي؟
مدة التعافي بعد عملية استئصال الثدي تكون متقاربة في جميع أنواع الجراحة، حيث تستغرق عادةً من 3 إلى 4 أسابيع. وهناك ثلاثة أنواع رئيسية من عمليات استئصال الثدي:
- الاستئصال الكلي للثدي: يتم خلاله إزالة الثدي بالكامل، بما في ذلك الجلد والهالة والحلمة، مما يترك الجانب الذي أُجريت عليه العملية مسطحًا تمامًا.
- استئصال الثدي مع الحفاظ على الجلد: يتم خلاله إزالة نسيج الثدي مع الإبقاء على جزء من الجلد، ويُجرى عادةً مع عملية إعادة بناء الثدي.
- استئصال الثدي مع الحفاظ على الحلمة والجلد: يُحافظ فيه على الحلمة والجلد مع إزالة نسيج الثدي، ويُرافقه غالبًا إعادة بناء باستخدام غرسة أو أنسجة ذاتية.
ومهما كان نوع الاستئصال، من المعتاد أن تغادر المريضة المستشفى مع وجود درنقة واحدة على الأقل (أنبوب تصريف) مثبتة على جانب الجسم للمساعدة في تصريف السوائل.
اقرأ أيضاً: ما هو استئصال الثدي التحفظي التجميلي؟
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
متى يتم إزالة الدرنقة بعد عملية استئصال الثدي؟
يتم وضع الدرنقة بعد عملية استئصال الثدي لتصريف السوائل التي يكونها الجسم نتيجة للالتهاب الناتج عن الجراحة، حيث يترك استئصال الثدي مساحة فارغة تحت الجلد، ويبدأ الجسم في ملء هذه المساحة بالسوائل. وعادةً ما يحتاج المريض إلى درنقة واحدة لكل جانب في حالات استئصال الثدي، وقد يُوضع أكثر من درنقة في بعض الحالات حسب تقدير الجراح.
أما عن توقيت إزالة الدرنقة، فليس مرتبطًا بمدة زمنية ثابتة، بل يعتمد على كمية السوائل التي يتم تصريفها يوميًا. وفي المتوسط، تظل الدرنقة في مكانها لمدة 2 إلى 3 أسابيع، ويتم إزالتها عندما ينخفض معدل تصريف السوائل إلى أقل من 20-30 مل يوميًا لمدة يومين متتاليين. ومع ذلك، قد تختلف هذه المعايير قليلاً حسب توجيهات كل جراح، لذلك يُنصح دائمًا بسؤال الطبيب عن التوقيت المتوقع في حالتك الشخصية.
الممنوعات بعد عملية استئصال الثدي
من نصائح بعد عملية استئصال الثدي التي يجب الإشارة إليها أيضاً هي معرفة ما يجب الامتناع عنه لضمان الشفاء السليم وتجنب أي مضاعفات مثل:
- عدم رفع الأوزان الثقيلة حيث يُمنع رفع أي شيء ثقيل حتى يتم إزالة الدرنقة بالكامل وبعد استشارة الطبيب.
- عدم رفع الذراع فوق مستوى الرأس فيجب أن تتجنّبي رفع الذراع على نفس جانب الجراحة لتفادي تحريك أو خلع الدرنقة أو الفواصل المزروعة. والتزمي بتعليمات الجراح بخصوص الحركات المسموح بها بعد العملية.
عدم القيادة، فيُمنع القيادة إلى أن يسمح الطبيب بذلك، خصوصًا إذا كنتِ لا تزالين تتناولين مسكنات الألم، حيث قد تؤثر على قدرتك على التحكم والتركيز. - عدم السباحة أو الاستحمام في البانيو فيجب أن تتجنبي السباحة أو الغطس في حوض الاستحمام لمدة لا تقل عن 6 أسابيع، أو إلى أن تلتئم الجروح تمامًا. ويمكن الاستحمام العادي تحت الدُش بشرط تجفيف منطقة الجراحة بلطف بعد مرور الماء عليها.
نصائح إضافية بعد عملية استئصال الثدي
إليك المزيد من نصائح ما بعد عملية استئصال الثدي التي يمكن أن تُسهّل عليكِ فترة التعافي:
- اقتناء حمالة صدر مخصصة بعد استئصال الثدي: هذا النوع من الحمالات مُصمم خصيصًا لتثبيت الدرنقة بطريقة مريحة، مما يُقلل الإزعاج أثناء الحركة. كما يمكنك تجهيز حمالات صدر رياضية قطنية ناعمة لاستخدامها أثناء غسل الحمالة الطبية.
- اختيار ملابس مناسبة: احرصي على تجهيز قمصان بأزرار أمامية وأحذية سهلة الارتداء (بدون أربطة)، لأنكِ في البداية لن تستطيعي ارتداء الملابس التي تُسحب من الرأس أو ربط الأحذية بسهولة.
- تجهيز المنزل بما يتناسب مع الحالة: ضعي الأدوات والأشياء التي تستخدمينها يوميًا في مستوى الخصر حتى لا تضطري إلى رفع ذراعك أو الانحناء كثيرًا بعد الجراحة.
- طلب المساعدة: قد تحتاجين إلى مساعدة في المهام اليومية مثل ارتداء الملابس أو الاستحمام. ومن الأفضل أن تطلبي من أحد أفراد الأسرة أو صديقة تجهيز الدعم اللازم لكِ. كذلك، يمكنك التفكير في الاشتراك بخدمة توصيل الوجبات أو الاستعانة بأحد لشراء المستلزمات اليومية خلال فترة التعافي.
إلى متى يستمر الألم بعد استئصال الثدي؟
من الطبيعي الشعور بألم أو انزعاج بعد عملية استئصال الثدي، وتختلف شدة الألم ومدته من شخص لآخر، حيث يتعامل كل جسم مع الألم بطريقة مختلفة. وعادةً يبدأ الألم الحاد الناتج عن الجراحة بالتراجع تدريجيًا مع تعافي الجسم. ومن المهم جدًا تناول الأدوية المسكنة كما يصفها الطبيب وعدم إهمالها في الأيام والأسابيع الأولى بعد العملية.
ولكن في بعض الحالات، قد يستمر الشعور بالألم لفترة أطول، حيث تشير الدراسات إلى أن ما بين 20% إلى 30% من النساء قد يعانين من ألم مزمن بعد استئصال الثدي بسبب تلف الأعصاب أثناء الجراحة. وهذا الألم المزمن قد يظهر في منطقة جدار الصدر أو الإبط أو الذراع، وقد يصاحبه:
- الشعور بالخدر أو التنميل
- وخز أو ألم لاذع
- إحساس بالحرقان
- حكة
- إحساس وهمي حول منطقة الجرح أو الثدي الذي تم استئصاله.
وفي كثير من الأحيان، يمكن علاج هذا النوع من الألم بطرق متعددة تشمل الأدوية والعلاج الطبيعي ووسائل أخرى، لذا من المهم مناقشة الأمر مع الطبيب في حال استمرار الألم أو الشعور بعدم الراحة لفترة طويلة. أما بالنسبة للإحساس بالخدر حول موضع الجراحة، فهو أمر متوقع بسبب تأثير العملية على الأعصاب. وفي بعض الحالات قد يختفي تدريجيًا مع الوقت، ولكن قد يبقى هناك بعض التنميل الدائم في منطقة الندبة.
اقرئي أيضاً: أهمية الكشف المبكر لسرطان الثدي وكيف يتم؟
المأكولات الممنوعة بعد استئصال الثدي
بعد عملية استئصال الثدي من المهم اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن لدعم التعافي وتحسين الحالة العامة للجسم، خاصة إذا كان هناك علاج كيميائي أو إشعاعي مكمّل. وعلى الرغم من أهمية تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية كالخضروات والفواكه الطازجة، البروتينات الصحية مثل الدجاج والأسماك، الألياف من البقوليات، والدهون الصحية مثل زيت الزيتون والأفوكادو والمكسرات، إلا أن هناك بعض الأطعمة التي يُنصح بتجنّبها أو تقليلها مثل:
- الكحول: ينصح بتجنب المشروبات الكحولية بجميع أنواعها لأنها قد تتفاعل مع أدوية السرطان، كما تشير بعض الدراسات إلى احتمال تأثيرها على زيادة خطر عودة المرض.
- الأطعمة الحارة أو الحامضة أو المقرمشة: هذه الأطعمة قد تزيد من التهاب أو تقرحات الفم، والتي تُعد من الأعراض الجانبية الشائعة للعلاج الكيميائي.
- الأطعمة النيئة أو غير المطهية جيداً: بعد الجراحة يزداد خطر الإصابة بالعدوى، لذلك يُفضل تجنب تناول الأطعمة النيئة مثل السوشي، المحار النيئ، واللحوم أو الأسماك غير المطهية جيداً. وكذلك يجب تجنّب المكسرات النيئة أو الأطعمة التي انتهت صلاحيتها أو التي تحتوي على عفن.
- اللحوم الحمراء والمصنّعة: تشير بعض الأبحاث إلى ارتباط استهلاك اللحوم الحمراء والمصنّعة بزيادة خطر الوفاة بعد سرطان الثدي. لذلك يُفضل الاعتماد على مصادر بروتين صحية أخرى.
- المشروبات المحلّاة بالسكر: تناول كميات كبيرة من السكر المضاف قد يؤدي إلى زيادة الوزن غير المرغوب فيها.
- الأطعمة المصنعة والسكريات البسيطة: تناول كميات كبيرة من الأطعمة المصنّعة أو الحبوب المكرّرة قد يزيد من خطر الإصابة بالمضاعفات، وهناك دراسات تربط بين استهلاك الأطعمة شديدة التصنيع وزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 10%.
ومن الأفضل دائمًا مراجعة الطبيب المشرف على حالتك، ليحدد النظام الغذائي الأمثل لكِ بعد العملية بناءً على حالتك الصحية ونوع العلاج المرافق.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
الذراع بعد عملية استئصال الثدي
يُعد كل من الجراحة و العلاج الإشعاعي من العلاجات الشائعة لسرطان الثدي التي قد تُسبب آلاماً في الذراع بعد عملية استئصال الثدي ويحدث هذا كالتالي:
- الجراحة: بعد جراحة سرطان الثدي، قد يعاني البعض من تنميل أو وخز أو ألم في الذراع أو الكتف على نفس جانب الجسم الذي أُجريت فيه العملية. وتزداد احتمالية حدوث هذه الأعراض بعد عملية استئصال الثدي الكامل مقارنةً بجراحة استئصال الورم فقط، لأن الجراحة في حالة الاستئصال الكامل تشمل منطقة أكبر وقد تُعرض الأعصاب لخطر أكبر أثناء العملية. وأثناء الجراحة، يقوم الطبيب عادةً بإزالة بعض العقد اللمفاوية للتأكد من مدى انتشار السرطان. وكلما زاد عدد العقد اللمفاوية التي يتم استئصالها، زادت احتمالية تلف الأعصاب أو تطوّر الوذمة اللمفاوية (تراكم السوائل)، والتي قد تُسبب تورم في الذراع أو اليد أو الصدر أو الظهر، مصحوبة بألم، وخز، تنميل، أو شعور بثقل في الذراع.
- العلاج الإشعاعي: قد يتسبب العلاج الإشعاعي في تليف الأنسجة (تصلب وسماكة الأنسجة)، ما يؤدي إلى شعور بالتصلب والألم في الذراع والكتف. كما قد يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالوذمة اللمفاوية، خاصة إذا كانت العقد اللمفاوية قد تعرضت للإشعاع.
- الأدوية: بعض الأدوية مثل مثبطات الأروماتاز (وهي أدوية هرمونية تُستخدم لعلاج سرطان الثدي الإيجابي لمستقبلات الهرمونات)، قد تسبب آلاماً في العظام والمفاصل، تشمل اليدين، الرسغين، الكتفين، مما يؤدي إلى آلام في الذراع. وأيضاً قد تسبب العلاجات الكيميائية و العلاجات الموجهة آلاماً في الذراع والكتف.
طرق علاج ألم الذراع بعد استئصال الثدي
يعتمد العلاج على السبب الرئيسي للألم بعد عملية استئصال الثدي، ويتم تحديده بالتعاون مع الطبيب المعالج:
- إذا كان الألم ناتجاً عن انتشار السرطان إلى العظام ققد يتم العلاج بالإشعاع أو بعلاجات سرطان الثدي المناسبة.
- إذا كان الألم ناتجاً عن الوذمة اللمفاوية فيمكن العلاج باستخدام كمادات الضغط، الألبسة الضاغطة، اللفافات، التمارين الرياضية الخاصة.
- إذا كان الألم بسبب تليف الأنسجة الناتج عن العلاج الإشعاعي فيمكن أن تساعد التمارين، العلاج الطبيعي، المساج.
- إذا كان الألم ناتجاً عن الإجهاد أو الإصابة فعادةً ما تفيد الكمادات الباردة أو الساخنة، بالإضافة إلى مسكنات الألم المناسبة.
- إذا كان الألم بسبب تناول مثبطات الأروماتاز فقد يقترح الطبيب تغيير الدواء إلى نوع آخر يسبب أعراضاً جانبية أقل.
العودة للأنشطة بعد عملية استئصال الثدي
قد تتساءلين عن الوقت المناسب للعودة إلى أنشطتك اليومية المعتادة مثل أداء الأعمال المنزلية أو التسوق بعد عملية استئصال الثدي، من المهم مناقشة هذا الأمر مع الطبيب الجراح، حيث سيحدد لك ما يمكنك فعله عند عودتك إلى المنزل.
وبشكل عام، ستحتاجين إلى تجنّب رفع الأجسام الثقيلة أو القيام بالأعمال المنزلية المجهدة لفترة محددة، لذا يُفضل الاستعانة بأحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء للمساعدة في بعض المهام اليومية أثناء فترة التعافي. ورغم أن تجربة كل مريضة تختلف عن الأخرى، إليك الإرشادات العامة حول مواعيد استئناف بعض الأنشطة:
- القيادة: موعد العودة للقيادة يعتمد على شعورك أثناء التعافي، وفي العادة يحتاج البعض إلى الانتظار نحو 4 أسابيع بعد عملية استئصال الثدي، وقد تختلف المدة بين مريضة وأخرى. ومن المهم عدم القيادة في حال كنتِ تتناولين مسكنات الألم القوية (المخدّرة)، ويجب التوقف عن تناولها قبل العودة للقيادة.
- العودة إلى العمل: مدة العودة إلى العمل تختلف من شخص إلى آخر، لكنها عادةً تكون بين 4 إلى 8 أسابيع، ويعتمد الأمر أيضاً على نوع العمل، فإن كان العمل مكتبي أو من المنزل، يمكنكِ العودة مبكراً. أما إن كان العمل يتطلب مجهوداً بدنياً، فقد تحتاجين لفترة أطول.
- ممارسة الرياضة: قبل مغادرة المستشفى، ستتعلّمين مجموعة من التمارين الخاصة بالذراعين والكتفين للمساعدة في منع التيبّس وتحسين مرونة الحركة، ومن المهم الالتزام بها. أما أنواع الرياضة الأخرى، فيجب استشارة الطبيب وعدم ممارستها إلا بعد الحصول على الموافقة الطبية. وفي بعض الحالات قد يُوصي الطبيب بالمشاركة في جلسات العلاج الطبيعي.
- ارتداء حمالة الصدر: يحتاج موضع الجراحة إلى وقت كافٍ للشفاء قبل ارتداء حمالة صدر. وسيُخبرك الجراح بالتوقيت المناسب لذلك. وفي حال أجريتِ استئصال الثدي بدون إعادة بناء، سيتم تزويدك بطرف صناعي تعويضي يتم وضعه داخل حمالة الصدر.