تُعتبر الغدة الدرقية النشطة من الحالات الشائعة التي تؤثر على توازن الجسم ووظائفه الحيوية، حيث يؤدي فرط إفراز هرمونات الغدة الدرقية إلى تسارع عمليات الأيض، مما يسبب أعراضًا مزعجة، وفي هذا المقال، سنتعرف على أبرز 5 أسباب وراء فرط نشاط الغدة الدرقية، وكيف يمكن تشخيصها وعلاجها بطرق طبية فعالة لاستعادة التوازن الهرموني والحفاظ على صحة الجسم، فاحرصوا على المتابعة.
ما المقصود بالغدة الدرقية النشطة؟
الغدة الدرقية هي غدة صغيرة على شكل فراشة تقع في مقدمة العنق، تقوم بإفراز هرمونات في مجرى الدم وتتحكم في نمو الجسم وعمليات الأيض (التمثيل الغذائي). ويُصاب حوالي شخص واحد من كل مئة ممن تجاوزوا الثانية عشرة من العمر بالغدة الدرقية النشطة أو فرط نشاط الغدة الدرقية، وتزداد احتمالية الإصابة به لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 عامًا.
ويختلف فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism) عن قصور الغدة الدرقية (Hypothyroidism)؛ ففرط النشاط يعني وجود كمية زائدة من الهرمونات في الجسم، بينما القصور يعني وجود نقص فيها.
وبدون علاج، يمكن أن تؤدي الغدة الدرقية النشطة إلى حدوث مضاعفات خطيرة، لكن في الغالب يمكن السيطرة عليه بالعلاج الدوائي الذي يقلل من إنتاج الهرمون الزائد.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
ما هي أعراض الغدة الدرقية النشطة؟
يحدث فرط نشاط الغدة الدرقية عندما تُنتج الغدة كميات زائدة من هرموني الثيروكسين (T4) والثيروكسين ثلاثي اليود (T3)، وتؤثر الأعراض عادةً في مختلف أجهزة الجسم ووظائفه، حيث يؤدي ارتفاع مستويات الهرمون إلى زيادة معدل الأيض، وهو ما يفسر معظم أعراض الغدة الدرقية النشطة التالية:
- تضخّم في الرقبة (تضخم الغدة الدرقية أو الدرق)
- العصبية، والتوتر، وتقلبات المزاج، وضعف التركيز
- الإسهال
- صعوبة في التنفس
- الشعور بالتعب وصعوبة النوم
- ضعف في العضلات
- فرط النشاط أو الحركة الزائدة
- الحساسية الشديدة للحرارة، مع تعرّق مفرط وجلد دافئ ورطب
- زيادة الشهية
- زيادة عدد مرات التبول وحركات الأمعاء
- العقم أو انخفاض الرغبة الجنسية
- حكة جلدية أو ظهور طفح جلدي متورم (الشرى)
- ارتخاء الأظافر أو سقوطها
- اضطرابات في الدورة الشهرية (تقلّص أو انقطاع الحيض)
- تساقط الشعر بشكل بقعي (الثعلبة)
- تسارع ضربات القلب أو الشعور بالخفقان
- احمرار في راحتي اليدين
- فقدان وزن مفاجئ
- ارتعاش اليدين أو الرجفة
أسباب حدوث الغدة الدرقية النشطة
توجد عدة أسباب محتملة للإصابة بالغدة الدرقية النشطة أو فرط نشاط الغدة الدرقية، من أبرزها ما يلي:
1- داء غريفز Graves’ Disease
يُعد داء غريفز اضطرابًا مناعيًا ذاتيًا، وهو السبب الأكثر شيوعًا للغدة الدرقية النشطة، حيث يُسبّب أكثر من 70٪ من الحالات. ولا يزال السبب الدقيق وراء حدوثه غير معروف، لكنه غالبًا ما ينتشر بين أفراد العائلة، مما يشير إلى عوامل وراثية محتملة. ويظهر عادة لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و50 عامًا، ويصيب النساء أكثر من الرجال بمعدل سبعة إلى ثمانية أضعاف.
2- عقيدات الغدة الدرقية (Nodular Thyroid Disease)
تتكون العقيدات الدرقية عندما تنشأ كتل أو أورام صغيرة داخل الغدة الدرقية، ولا يُعرف بدقة سبب ظهورها. وقد تحتوي هذه الكتل على نسيج درقي غير طبيعي، لكنها تكون في الغالب حميدة (غير سرطانية). وتؤثر العقيدات في وظيفة الغدة، فتجعلها تفرز كميات زائدة من الهرمونات. وقد يتضخم حجم الغدة دون الشعور بألم، لكن يمكن أحيانًا تحسس العقيدات بالأصابع.
3- الإفراط في تناول اليود:
تقوم الغدة الدرقية باستخلاص اليود من الدم، وهو عنصر يوجد في أطعمة مثل المأكولات البحرية، والخبز، والملح. وتستخدم الغدة هذا اليود لإنتاج الهرمونات الدرقية، لكن تناول كميات زائدة من اليود أو المكملات الغذائية المحتوية عليه قد يدفع الغدة لإنتاج كمية مفرطة من الهرمونات. لذلك يجب على الأشخاص الذين يتناولون أدوية هرمون الغدة الدرقية المتابعة بانتظام مع الطبيب لضبط الجرعة المناسبة.
4- الأدوية:
بعض أدوية القلب تحتوي على نسبة عالية من اليود، مما قد يؤدي إلى تغيّر في وظيفة الغدة الدرقية. ومن أبرز هذه الأدوية الأميودارون الذي يُستخدم لعلاج اضطراب نبضات القلب.
5- التهاب الغدة الدرقية (Thyroiditis)
يحدث التهاب الغدة الدرقية عادة نتيجة عدوى فيروسية، وقد يؤدي إلى اضطراب مؤقت في إفراز الهرمونات. وتشمل الأعراض المصاحبة له:
- الإرهاق العام
- التهاب الحلق
- صعوبة أو ألم أثناء البلع
- آلام عامة في الجسم
- ألم في الرقبة
هل يمكن الشفاء من الغدة الدرقية النشطة؟
تتنوع خيارات علاج فرط نشاط الغدة الدرقية بين الأدوية والعلاج باليود المشع والجراحة، ويعتمد اختيار الطريقة المناسبة على حالة المريض العامة وسبب المرض. وقد تتضمن خيارات علاج الغدة الدرقية النشطة ما يلي:
1- الأدوية التي تُخفف الأعراض:
بعض الأدوية لا تعالج فرط النشاط نفسه، لكنها تُستخدم لتخفيف الأعراض الناتجة عنه، خاصة مشاكل القلب وسرعة النبض مثل حاصرات بيتا (Beta-blockers)، فلا تُعالج هذه الأدوية فرط نشاط الغدة الدرقية بشكل مباشر، ولكنها تساعد على تقليل الأعراض مثل تسارع ضربات القلب، والارتعاش، والقلق. ويستمر استخدامها عادة حتى يبدأ تأثير العلاج الأساسي، وقد يستغرق ذلك أسابيع إلى أشهر.
2- الأدوية المضادة للغدة الدرقية (Antithyroid Drugs):
تعمل هذه الأدوية على منع الغدة الدرقية من إنتاج كميات زائدة من الهرمونات. ويُعد دواء ميثيمازول من أكثر الأدوية شيوعًا التي يوصي بها الأطباء لعلاج هذه الحالة. أما في حالة الحمل، فقد يُوصي الطبيب خلال الثلث الأول من الحمل باستخدام دواء بروبيل ثيوراسيل بدلًا من الميثيمازول، لأن الأخير قد يؤثر سلبًا في الجنين. ويمكن بعد ذلك التحول إلى الميثيمازول في المراحل اللاحقة من الحمل. ووفقًا للجمعية الأمريكية للغدة الدرقية، فإن نحو 20–30٪ من المصابين بداء غريفز قد يحققون تحسنًا طويل الأمد بعد 12–18 شهرًا من العلاج بهذه الأدوية.
3- العلاج باليود المشع (Radioactive Iodine Therapy):
يُستخدم اليود المشع لتدمير الخلايا النشطة في الغدة الدرقية، مما يؤدي إلى تقليل إفراز الهرمونات الزائدة. ويكون تأثيره موضعيًا فقط، ولا يُسبب آثارًا جانبية منتشرة في الجسم، إذ تُستخدم جرعات منخفضة وآمنة من الإشعاع. ولا يُنصح بهذا العلاج للحوامل أو المرضعات، كما يُوصي الأطباء بتجنب الحمل لمدة 6 إلى 12 شهرًا بعد العلاج.
4- الجراحة (Surgery):
في بعض الحالات، قد يُلجأ إلى استئصال جزء أو كامل الغدة الدرقية عندما لا تكون العلاجات الأخرى مناسبة. ويُعد هذا الخيار الأفضل في الحالات التالية:
- الحمل عندما لا يمكن استخدام العلاجات الدوائية الأخرى.
- عدم تحمّل الأدوية أو فشلها في ضبط الهرمونات.
- وجود أورام أو سرطان في الغدة الدرقية.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
ماذا يحدث في حالة عدم علاج الغدة الدرقية النشطة؟
عند إهمال علاج فرط نشاط الغدة الدرقية أو الغدة الدرقية النشطة، يمكن أن يؤدي إلى عدد من المضاعفات الخطيرة التي قد تُهدد الحياة في بعض الحالات، وتشمل ما يلي:
1- عاصفة الغدة الدرقية (Thyroid Storm)
هي حالة نادرة وخطيرة تحدث نتيجة زيادة مفرطة في هرمونات الغدة الدرقية داخل الجسم، مما يؤدي إلى تسارع شديد في وظائف الجسم الحيوية. وتُعد هذه الحالة طارئة وتهدد الحياة، وتشمل أعراضها:
- تسارع حاد في ضربات القلب
- ارتفاع في ضغط الدم
- ارتفاع درجة الحرارة (الحمى)
2- مضاعفات الحمل
يمكن أن يُسبب فرط نشاط الغدة الدرقية أثناء الحمل، سواء كان موجودًا مسبقًا أو ظهر خلال الحمل، مشكلات صحية للأم والجنين على حد سواء. وتشمل المخاطر المحتملة الإجهاض والولادة المبكرة، لذلك، يُنصح بفحص مستوى هرمونات الغدة الدرقية أثناء الحمل، ليتمكن الطبيب من تحديد الحاجة إلى العلاج وفقًا للنتائج.
3- هشاشة العظام (Osteoporosis)
يمكن أن يؤدي فرط نشاط الغدة الدرقية إلى ضعف العظام وترققها، مما يزيد خطر الإصابة بالهشاشة. وللوقاية من ذلك يُنصح بالتالي:
- تناول مكملات الكالسيوم وفيتامين D أثناء العلاج وبعده.
- ممارسة النشاط البدني أو التمارين الرياضية بانتظام، إذ تساعد في الحفاظ على قوة العظام.
4- السرطان:
في بعض الحالات، قد يكون فرط نشاط الغدة الدرقية مرتبطًا بأنواع معينة من السرطان. وأشارت مراجعة بحثية عام 2018 إلى أن سرطان الغدة الدرقية لدى المصابين بفرط نشاطها يكون أكثر عدوانية وذو توقعات أسوأ مقارنةً بالأشخاص ذوي الغدة السليمة.
كيف يتم تشخيص الغدة الدرقية النشطة؟
عند تقييم حالتك للكشف عن فرط نشاط الغدة الدرقية أو الغدة الدرقية النشطة سيجمع الطبيب تاريخك الطبي الشخصي والعائلي ويُجري فحصًا بدنيًا. وعادةً ما يعتمد الأطباء في تشخيص فرط نشاط الغدة الدرقية على الأعراض والعلامات السريرية ونتائج الفحوص المخبرية. وتشمل الاختبارات التشخيصية ما يلي:
- اختبار مستويات T4 وFree T4 وT3
- اختبار مستوى الهرمون المنشط للغدة الدرقية (TSH)
- مسح امتصاص اليود المشع (Radioactive Iodine Uptake Scan)
- الأشعة الصوتية على الغدة الدرقية
- الأشعة المقطعية (CT) أو الرنين المغناطيسي (MRI)
- اختبار الأجسام المضادة للغدة الدرقية
وعلى الرغم من أن بعض أطباء الرعاية الأولية يمكنهم طلب هذه الفحوص، إلا أنه يُفضَّل مراجعة طبيب مختص في الغدد الصماء، إذ يُعدّ هو الأقدر على تشخيص وعلاج الحالات المرتبطة بالهرمونات.
اعرف أكثر عن: تحليل الغدة الدرقية وأنواعه ومتى يتم طلبه؟
ما الأكل الممنوع لأصحاب الغدة الدرقية النشطة؟
يمكن أن يؤدي تناول كميات كبيرة من اليود إلى تفاقم حالة الغدة الدرقية النشطة، حيث يحفز الغدة على إنتاج المزيد من هرمونات الغدة الدرقية. ولذلك، يجب على الأشخاص المصابين بفرط نشاط الغدة الدرقية تجنّب الإفراط في تناول الأطعمة الغنية باليود مثل:
- الملح المدعّم باليود
- الأسماك والمأكولات البحرية
- منتجات الألبان
- مكملات اليود
- المنتجات الغذائية التي تحتوي على صبغة حمراء
- صفار البيض
- دبس السكر الأسود (Blackstrap molasses)
- المخبوزات المصنوعة بمُحسّنات عجين تحتوي على اليودات
- الصويا ومصادرها مثل حليب الصويا، صوص الصويا، التوفو وزيت فول الصويا
وتشير الأبحاث إلى أن أمراض الغدة الدرقية المناعية الذاتية، مثل مرض غريفز (Graves’ disease)، أكثر شيوعًا لدى الأشخاص المصابين بمرض السيلياك (Celiac disease) مقارنة بغيرهم. ولا يزال السبب غير واضح تمامًا، إلا أن العوامل الوراثية قد تلعب دورًا في ذلك. كما أن الإصابة بمرض السيلياك تزيد من احتمالية الإصابة بأمراض مناعية أخرى.
ويُسبب مرض السيلياك تلفًا في الأمعاء الدقيقة نتيجة تناول الغلوتين، وهو بروتين يوجد في القمح والشعير والشوفان والجاودار. لذلك، يجب على المصابين بمرض السيلياك اتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين. وتشير بعض الدراسات إلى أن هذا النظام قد يساعد على تحسين امتصاص أدوية الغدة الدرقية وتقليل الالتهاب.
كما يمكن أن يؤدي الكافيين إلى تفاقم بعض أعراض فرط نشاط الغدة الدرقية، مثل خفقان القلب، الرعشة، القلق والأرق، لذلك، يُنصح الأشخاص المصابون بفرط نشاط الغدة الدرقية بتجنّب الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على الكافيين، مثل:
- القهوة العادية
- الشاي الأسود
- الشوكولاتة
- المشروبات الغازية العادية
- مشروبات الطاقة
في مركز الدكتور حسن عاشور يتم التعامل مع حالات الغدة الدرقية النشطة وفق أحدث بروتوكولات التشخيص والعلاج، لضمان نتائج دقيقة وآمنة لكل مريض. بفضل خبرته الواسعة وفريقه الطبي المتخصص، يحرص الدكتور حسن عاشور على تقديم رعاية شاملة تبدأ بالفحص الدقيق وتستمر بمتابعة مستمرة بعد العلاج. إذا كنت تعاني من أعراض فرط نشاط الغدة الدرقية أو ترغب في تقييم شامل لوظائف الغدة، لا تتردد في حجز موعدك الآن مع الدكتور حسن عاشور للحصول على التشخيص الدقيق والعلاج الأنسب لحالتك.