يُعد الشرخ الشرجي من المشكلات الشائعة التي تسبب ألم حاد وشعور بعدم الراحة أثناء التبرز، ورغم أن أعراضه قد تكون مزعجة للغاية، إلا أن التشخيص المبكر واتباع طرق العلاج المناسبة يساهمان بشكل كبير في تسريع الشفاء وتخفيف المعاناة. وفي هذا المقال، نستعرض معًا تعريف الشرخ الشرجي، أسبابه الرئيسية، وأبرز الوسائل الطبية والطبيعية المتاحة لعلاجه.
ما هو الشرخ الشرجي؟
الشرخ الشرجي هو تمزق صغير يحدث في النسيج الرقيق والرطب الذي يُبطّن فتحة الشرج، وهي الفتحة الموجودة في نهاية الجهاز الهضمي والتي يخرج منها البراز.
ويؤدي هذا التمزق عادة إلى ألم واضح ونزيف أثناء التبرز، وقد يشعر المريض أيضًا بتقلصات عضلية في العضلة العاصرة الشرجية، وهي العضلة الدائرية الموجودة في نهاية فتحة الشرج والمسؤولة عن التحكم في خروج البراز.
والشرخ الشرجي يُعد شائعًا جدًا لدى الأطفال الرُضّع، لكنه قد يصيب الأشخاص من جميع الأعمار. وفي أغلب الحالات، تتحسن هذه الحالة من تلقاء نفسها أو باستخدام إجراءات بسيطة مثل تحسين النظام الغذائي وزيادة كمية الألياف أو الجلوس في حمامات ماء دافئ. ومع ذلك، قد تتطلب بعض الحالات استخدام أدوية موضعية، وفي بعض الأحيان، قد يكون التدخل الجراحي ضروريًا.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
أعراض الشرخ الشرجي
أكثر الأعراض شيوعًا للشرخ الشرجي تشمل:
- الشعور بألم حاد عند التبرز، وغالبًا ما يُوصف بأنه ألم حارق أو ممزق.
- الحكة أو الحرقة المصاحبة للتبرز.
- ظهور دم أحمر فاتح على البراز أو على ورق المرحاض.
وقد يعاني بعض المرضى من أعراض إضافية مثل:
- تقلصات في عضلات الشرج.
- ظهور زائدة جلدية صغيرة بالقرب من مكان التمزق.
وغالبًا ما يكون الألم هو العرض الأساسي، ويظهر بوضوح أثناء التبرز، لكنه قد يستمر من دقائق إلى عدة ساعات بعده. وقد يمتد الألم أحيانًا إلى الأرداف أو أعلى الفخذين أو أسفل الظهر.
أسباب الشرخ الشرجي
يحدث الشرخ الشرجي عادة نتيجة لصدمة أو ضغط زائد على بطانة فتحة الشرج، مثل ما يحدث عند الحزق الشديد أو عند مرور براز صلب أو كبير الحجم. ومع ذلك، توجد عوامل أخرى تُساهم في حدوثه، تتعلق بتركيبة فتحة الشرج نفسها.
وفي الجزء السفلي من فتحة الشرج، يكون الجلد شبيهًا بجلد الجسم الخارجي، أما الجزء العلوي، حيث تحدث أغلب الشروخ، فهو مبطن بغشاء مخاطي رقيق مشابه لما يُبطّن القولون، مما يجعله أكثر هشاشة وقابلية للتمزق، خاصة عند الأطفال.
كما أن وجود التهابات مزمنة في هذه المنطقة قد يُضعف الأنسجة ويزيد من قابليتها للتمزق. وأيضًا، إذا كانت العضلات المحيطة بفتحة الشرج (العضلات العاصرة الداخلية والخارجية) مشدودة بشكل دائم، فإن ذلك يُضيف ضغطًا على بطانة الشرج ويقلل من تدفق الدم، مما يجعل الشفاء أكثر صعوبة.
وتتضمن الأسباب الشائعة:
- الإمساك المزمن والحزق المتكرر.
- متلازمة صعوبة الإخراج (Obstructed defecation syndrome).
- اضطرابات التبرز عند الرضع (Infant dyschezia).
- الإسهال المزمن.
- الولادة الطبيعية.
- الإيلاج الشرجي.
كما توجد أسباب إضافية محتملة مثل:
- العمليات الجراحية السابقة في منطقة الشرج.
- العدوى المنقولة جنسيًا.
- أمراض الأمعاء الالتهابية مثل داء كرون.
- سرطان الشرج.
- مرض السل.
- التهابات الجلد الناتجة عن استخدام الحفاضات، خاصة عند الرضع.
مضاعفات الشرخ الشرجي
قد تشمل مضاعفات الشرخ الشرجي ما يلي:
- فشل الالتئام: الشرخ الشرجي الذي لا يلتئم خلال ثمانية أسابيع يُعتبر شرخًا مزمنًا، وقد يتطلب علاجًا إضافيًا.
- التكرار: بمجرد أن تُصاب بشرخ شرجي، تصبح أكثر عرضة للإصابة به مرة أخرى.
- تمزق يمتد إلى العضلات المحيطة: قد يمتد الشرخ الشرجي إلى الحلقة العضلية التي تُغلق فتحة الشرج. وتُعرف هذه العضلة باسم العضلة العاصرة الشرجية الداخلية. إذا حدث ذلك، يصبح من الصعب على الشرخ أن يلتئم.
وعدم التئام الشرخ قد يُسبب حلقة من الانزعاج المستمر، والتي قد تتطلب استخدام أدوية أو تدخلًا جراحيًا لتخفيف الألم وإصلاح أو إزالة الشرخ.
ارسل لنا استفسارك على الواتس اب
علاج الشرخ الشرجي
عند الإصابة بشرخ شرجي مزمن، أي شرخ استمر لأكثر من ثمانية أسابيع، يركّز العلاج الطبي على إرخاء العضلات العاصرة الشرجية التي تحيط بالقناة الشرجية. ويساعد هذا الإجراء على بدء التئام الشرخ واستعادة تدفق الدم إلى الأنسجة.
أدوية الشرخ الشرجي:
تشمل الأدوية المستخدمة في علاج الشروخ الشرجية ما يلي:
- مرهم النتروغليسرين: النتروغليسرين هو موسع للأوعية الدموية، أي دواء يُوسّع الأوعية الدموية. وعند استخدامه ككريم موضعي، يمكن أن يُعيد تدفق الدم ويساعد على إرخاء العضلة العاصرة الشرجية. ومع ذلك، يمكن أن يُسبب صداعًا، مما يضطر بعض المرضى إلى التوقف عن استخدامه لهذا السبب.
- حاصرات قنوات الكالسيوم، مثل ديلتيازيم أو نيفيديبين: تُعد طريقة بديلة لإرخاء الأوعية الدموية وعضلات الشرج. وقد تكون فعالة إذا لم يُجدِ النتروغليسرين نفعًا.
- البوتوكس: يمكن أن تُحقن عضلة العاصرة الشرجية بالبوتوكس للمساعدة على إرخائها، والبوتوكس هو مرخٍ للعضلات. وتستمر تأثيراته حوالي ثلاثة أشهر، ما يمنح الشرخ فرصة للشفاء.
- الملينات المحتوية على ألياف: لا يحتاج كل من يعاني من الإمساك إلى تناول أدوية، ولكنها قد تساعد في حال وجود براز صلب جدًا يُسبب ضغطًا إضافيًا على الشرخ. والملينات التي تحتوي على ألياف (بذور السيليوم)، تسحب السوائل إلى الأمعاء لتليين البراز.
مضاد حيوي لعلاج الشرخ:
لا يُستخدم المضاد الحيوي بشكل روتيني في علاج الشرخ الشرجي، إلا في حال وجود عدوى بكتيرية مصاحبة. وفي هذه الحالة، يُحدد الطبيب النوع المناسب بناءً على الفحص السريري وشدة الأعراض.
الجراحة لعلاج الشرخ الشرجي
إذا لم يلتئم الشرخ باستخدام الأدوية، أو إذا عاد مرة أخرى بعد الشفاء، فقد تحتاج إلى إجراء طبي بسيط لإنهاء هذه الدورة من الانزعاج. والأدوية تُعطي نتائج متفاوتة في حالات الشروخ المزمنة، أما الجراحة، عند اللجوء إليها، فتُحقق نسبة نجاح تبلغ 90%.
واسم الإجراء الجراحي قطع العضلة العاصرة الداخلية (Internal sphincterotomy) وأثناء خضوعك للتخدير، يقوم جراح القولون والمستقيم بإجراء شق صغير في العضلة العاصرة الشرجية الداخلية لتقليل التوتر بشكل دائم. وبعد الاستفاقة من التخدير، يمكنك العودة إلى المنزل في نفس اليوم.
علاج الشرخ الشرجي في المنزل
معظم الشروخ الشرجية تلتئم من تلقاء نفسها، ولكن يمكنك المساعدة في تسريع عملية الشفاء باتباع بعض إجراءات العناية الذاتية. إليك بعض النصائح:
- لجعل التبرز أكثر راحة، يمكنك استخدام ملين للبراز.
- استخدم كرسيًا صغيرًا لرفع القدمين أثناء الجلوس على المرحاض، حيث يساعد ذلك في وضع الوركين في وضعية القرفصاء، مما يُسهّل التبرز.
- نظّف فتحة الشرج بعناية باستخدام مناديل ناعمة أو مناديل مبللة خالية من الكحول. كما يُمكنك الاستحمام بعد التبرز.
- ضع كريمًا موضعيًا أو مرهمًا على منطقة الشرخ.
- يُساعد الفازلين على التئام الجرح من خلال حبس الرطوبة والعمل كمضاد للبكتيريا، في حين تُعالج الكريمات الطبية الالتهاب وتُخفف الألم
- خذ حمامًا دافئًا (sitz bath) مرتين إلى ثلاث مرات يوميًا، لمدة لا تقل عن 10-15 دقيقة في كل مرة. وهو حمام ضحل من الماء الدافئ تجلس فيه لتغمر فتحة الشرج، ويُساعد على تخفيف الأعراض وإرخاء العضلات.
وقد يكون من المفيد أن تقوم بما يلي:
- شرب كميات أكبر من الماء.
- تناول المزيد من الخضروات والفواكه الطازجة.
- تجنب الأطعمة الحارّة والمكسرات أثناء فترة وجود الأعراض.
هل يشفى الشرخ من تلقاء نفسه؟
معظم الحالات تُشفى من تلقاء نفسها. وهذه تُعرف باسم الشروخ الشرجية الحادة (المؤقتة). وقد لا تحتاج إلى أي علاج طبي على الإطلاق، باستثناء العناية الذاتية. أو قد تحتاج فقط إلى كريم موضعي يُصرف بوصفة طبية لتخفيف الألم مؤقتًا، مثل ليدوكائين. ولكن إذا لم يلتئم الشرخ بعد عدة أسابيع، فسيكون من الضروري البدء في العلاج الطبي.
الفرق بين الشرخ الشرجي والبواسير
تُسبب البواسير والشرخ الشرجي أعراضًا وأسبابًا متشابهة، ولهذا من السهل الخلط بينهما، فكلاهما قد يحدث نتيجة الحزق الشديد أثناء التبرز، وكلاهما قد يؤدي إلى نزيف شرجي، وألم شرجي، وحكة شرجية. ولكن هناك فروقًا مهمة:
- البواسير أكثر شيوعًا، لكنها لا تُسبب الألم دائمًا.
- أما الشرخ الشرجي فهو السبب الأكثر شيوعًا للشعور بألم في منطقة الشرج.
- البواسير قد تكون غير مؤلمة تمامًا، بينما 90% من الشروخ الشرجية تُسبب ألمًا واضحًا.
- الألم الناتج عن الشرخ يحدث غالبًا في شكل نوبات حادة مرتبطة بالتبرز، في حين أن ألم البواسير قد يكون مستمرًا على مدار اليوم.